علن المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين التعليق المؤقت لجميع الأشكال الاحتجاجية التي يخوضها المعنيون رفضا لمشروعي القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية والقانون رقم 46.21 المنظم للمهنة، من أجل “توفير الشروط والظروف الملائمة للحوار مع وزارة العدل”، وسط كشف عن “تمخض اللقاءين اللذين انعقدا الأسبوع الماضي في إطار هذا الحوار عن وعد الوزارة بالاستجابة لعدد من مطالب المفوضين القضائيين بخصوص مُراجعة مقتضيات القانونين”.

وأوضح مسؤولو الهيئة لجريدة هسبريس الإلكترونية أن قرار المكتب التنفيذي جاء بعد “تدخل رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، لفتح الحوار وأخذ ملاحظات ومُقترحات الهيئة بعين الاعتبار، ونظرا لإعلان الوزارة في اللقاء الأولي الذي جمع رئيس الهيئة، محمد أبو الحقوق، بالكاتب العام لوزارة العدل عبد الرحيم مياد، ومدير الشؤون المدنية، رشيد وظيفي، يوم الإثنين 21 أكتوبر، تزامنا مع الوقفة الاحتجاجية التي نظمها المفوضون القضائيون رفضا للقانونين سالفي الذكر، انفتاحها على مناقشة مختلف النقاط الخلافية بين الطرفين؛ وهو ما تم الشروع فيه فعلا خلال اللقاء الثاني يوم الثلاثاء 22 أكتوبر الجاري”.

وكشف المفوضون القضايون أنه تمخض عن اللقاءين سالفي الذكر وعد الوزارة بالاستجابة لمطلب إعادة صياغة المادة 476 من مشروع قانون القانون المدنية، من أجل منحهم الأولوية في مهام التنفيذ؛ على أن يتم ذلك من خلال قبولها التعديلات التي قد يتقدم بها المستشارون البرلمانيون في هذا الصدد، إضافة إلى حذف المادة المتعلقة بإلزام الهيئة بتبليغ مقررات اجتماعاتها لوزارة العدل من مشروع تنظيم المهنة، وكذا إعادة صياغة المادة الأولى لطرح تعريف للمهنة يرضي الطرفين؛ على أن يتم النقاش بشأن المقتضيات الأخرى في لقاء آخر مرتقب بعد غد الأربعاء 30 أكتوبر.

تفاصيل اللقاءين

محمد أبو الحقوق، رئيس الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، قال في هذا الصدد: “الهيئة وقفت خلال اللقاءين اللذين جمعاها مع الكاتب العام لوزارة العدل ومُدير الشؤون المدنية على وجود حُسن نية ورغبة حقيقية لدى الوزارة في أخذ مُقترحات الهيئة ومطالبها بعين الاعتبار، سواء تلك المتعلقة بمشروع القانون المنظم للمهنة أو بمشروع قانون المسطرة المدنية”، مُضيفا أنه “إلى حدود اللحظة أكدت الوزارة إمكانية الاستجابة لبعض المطالب، فيما مازال النقاش جاريا بشأن أخرى، قد يتم الحسم بشأنها في اللقاء الثالث المُرتقب بعد غد الأربعاء”.

وتابع أبو الحقوق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “مسؤولي الوزارة وعدوا بإعادة صياغة المادة 476 من مشروع قانون المسطرة المدنية، التي رفضتها الهيئة لكونها تمنح صلاحية التنفيذ للمفوضين القضائيين وكُتاب الضبط، في وقت نُطالب بجعل اختصاص التبليغ من اختصاص المُفوضين ما لم تُقرر المحكمة عكس ذلك”.

وأوضح رئيس الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين أن “القانون حاليا لدى الغرفة الثانية للبرلمان، ما يثير بالفعل تساؤلات حول كيفية تنزيل الوزارة هذا الوعد؛ غير أننا نتوقع أن ذلك سيتم عبر الموافقة على مُقترحات تعديل المادة المذكورة، التي قد يتقدم بها المستشارون البرلمانيون”، مُبرزا أن “الهيئة سبق أن راسلت عددا من الفرق البرلمانية بمجلس المستشارين تلتمس منها تقديم تعديلات على القانون للاستجابة لمطالب المفوضين القضائيين”.

وبخصوص مشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين أبرز أبو الحقوق أن “اللقاءين سالفي الذكر ظهرت خلالهما مؤشرات على أنه سيتم حذف المادة الواردة ضمن المشروع القاضية بإلزام الهيئة بتبليغ مقرراتها إلى وزارة العدل والوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط”، مُذكرا بأن “هذه المادة من بين أخطر التراجعات الواردة في القانون، لأنها تمس استقلالية الهيئة؛ ولا تملك أي سند دستوري أو حقوقي، أو حتى في القوانين المقارنة”.

ولفت المفوض القضائي عينه إلى أن “المادة الأولى ضمن مشروع القانون، التي ترفضها الهيئة لكونها تحصر تعريف مهنة المفوض القضائي بكونها مهنة حرة، ولا تنص على أنها مُستقلة كذلك، ستتم إعادة صياغتها بطريقة تُرضي الهيئة ووزارة العدل”، بتعبيره.

وكشف رئيس الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين أن “لقاء بعد غد الأربعاء 30 أكتوبر 2024 سينكب على التفاوض بشأن النقاط الخلافية المتبقية، والحسم بصفة نهائية في تلك التي تمّ التداول فيها في اللقاءين السابقين”، مُبرزا أن “هناك أملا كبيرا لدى الهيئة في أن لقاءات وجلسات الحوار ستُتوج بتوقيع محضر اتفاق بين الطرفين يضمن تسوية جميع النقاط الخلافية؛ على أنه في حال لم يتم ذلك فسوف تقرر الهيئة استئناف جميع الأشكال الاحتجاجية المعلقة”، وفقه.

مطالب بسيطة

أكد رضوان بنهمو، الكاتب العام للهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، أنه “من خلال اللقاءين مع مسؤولي وزارة العدل أيقنت الهيئة بجود رغبة حقيقية لدى الوزارة من أجل تسوية النقاط الخلافية بين الطرفين، التي اضطرت المفوضين القضائيين إلى الدخول في إضراب لمدة أسبوع كامل، واتخاذ قرار بتعليق التبليغ في المادة الجُنحية بصفة مفتوحة؛ ما كان سيعرقل السير العادي للمحاكم المغربية ويضر بمصالح المتقاضين في نهاية المطاف”.

وأوضح بنهمو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “منذ الاجتماع الأولي بين الطرفين، يوم الإثنين الماضي، جرى الحسم في أن جميع مقتضيات القانون رقم 46,21 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، التي ترفضها الهيئة، وخُصوصا تلك التي لم ترد في مسودة اتفاق 26 أبريل 2022 بين الطرفين، ستتم مناقشتها والتفاوض بشأنها”، مُضيفا: “الوزارة أبدت روحا إيجابيا وانفتاحا كبيرا لدى مُناقشة بعض المقتضيات في اللقاءين السابقين، ونتمنى أن تتعامل بالنهج نفسه خلال مُناقشة المتبقي، خلال لقاء الأربعاء”.

وشدد الكاتب العام للهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين على “ضرروة أن تُفضي هذه اللقاءات إلى توقيع محضر اتفاق يستجيب لمطالب المفوضين القضائيين في أقرب وقت ممكن؛ لأن الاستجابة لهذه المطالب، في نهاية المطاف، لا تتطلب أي إجراءات أو مساطر إدارية معقدة، ولن تكلف خزينة الدولة أي موراد مالية؛ ما تحتاجه فقط هو إرادة سياسية للرقي بقانون تنظيم المهنة ليضمن كرامة واستقلالية المفوضين القضائيين، ويعكس الريادة المغربية إفريقيا على مستو ى التشريع”، مُؤكدا بدوره أن “آمالا كبيرة تُعلقها الهيئة على هذا الحوار، ولكن إذا لم تتمخض عنه الاستجابة لمطالبها فسوف تكون مُضطرة لا بطلة لاستئناف أشكالها الاحتجاجية”، وفق تعبيره.

منقول عن موقع هسبريس